كثيراً ما نقرأ ونسمع بأخذ الحذر والوقوف امام النفس الامارة بالسوء لما لها من قوة وتأثير على الانسان في انسانيته في جميع الاحوال , ولكن توجد قوة أخرى مؤثرة في كيان المخلوق العظيم الانسان من تأثير واقعي ملحوظ وهي النفس الملكوتية (أن صح التعبير) فلها حيثية واضحة و دور واسع وقوي وموثر أكثر في مجريات الحياة . و ليس وسيلة او طريق للوصول الى النعيم الابدي في الاخرة بل لها اثر في الدنيا من خلال أفعاله او تصرفاته و توجهاته , ومثالا على ذلك وليس للحصر حب اللذة في الحياة فأن الانسان بطبيعته منذ أن خلق بمختلف الوانه وأصنافه محب للخير وفعله كما عبر عن ذلك أئمة أهل البيت (عليهم السلام ) في رواياتهم , فحينما نخير بين الشقاء لساعة واللذة لساعات عديده أو أيام مقبلة فالأنسان بكل بساطة يرغب الى الحالة الثانية دون الاولى ومثالها كما لو قيل للطالب في المدرسة أو الجامعة تحمل مشقة ساعة في المواظبة على الدرس وتحضيره وفهمه لأجل لذة الراحة في الأيام أو السنين المقبلة عند نجاحك نتيجة للجهد المبذل في تحضير الدرس, فالعقل الناضج يوجه بحثية من النفس الملكوتية باختيار الطريق الصحيح , وهكذا في كثير من مرفقات الحياة اليومية ,فهذه النفس لا تقل شأن عن النفس الأمارة بالسوء فكلاهما يُنسج لمفهوم مغاير في مخلوق واحد عظيم هو الانسان .
وكما ان للصبر انواع فصبر على الطاعة وهو الثبات والمحافظة عليها و صبر على المعصية وهو تجنبها وعدم الوقوع في مأثرها والتلطخ بأثارها ,كذلك يوجد صبر على اللذات في الجهد و البحث عليها و تحصيلها من خلال النفس الملكوتية بكل حيثياتها سواء في الحياة الدنيا او في الاخرة كما قال تعالى (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) .