[img][/img]عيد العراقيين
د. عبد الجبار ثجيل الذهبي
عيد مبارك عليك ياوطني الجريح مع باقة ورد عطرة مكللة بالحب والتضحية لك ياعراق الخير دعائي الى الله سبحانه وتعالى ان يحفظك من كل مكروه 0اللهم أحفظ العراق والعراقيين 0 اللهم انصرنا على القوم الكافرين، عيد مبارك وكل عام والعراقيين بألف خير أعاده الله علينا وعليكم بالخير والسلامة والنصر والأمان.
العيد: هو كل يوم فيه جمع للناس، وأصل الكلمة من عاد يعود، قال ابن الأعرابي: سُمِّيَ العيد عيدًا لأنه يعود كل سنة بفرحٍ مجدد. وعيد الفطر سمي كذلك لأن المسلمين يفطرون فيه بعد صيام رمضان، العيد في الإسلام يوم سرور وفرح وزينة، وفيه تعظيم لله تعالى وذكره كالتكبير وحضور صلاة العيد وتوزيع زكاة الفطر وفي العيد تتقارب القلوب على الود، ويجتمع الناس بعد افتراق، ويتصالحون بعد كدر. وفي العيد تذكير بحق الضعفاء في المجتمع الإسلامي حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت، وتعم النعمة كل أسرة، و في العيد يشترك أعدادٌ كبيرة من المسلمين بالفرح والسرور في وقت واحد فيظهر اتحادهم وتُعلم كثرتهم باجتماعهم، وفي ذلك تقوية للروابط الفكرية والروحية والاجتماعية ، اما العيد عند العراقيين فيثير الذكريات الحزينة لأحباب رحلوا في ريعان الشباب، ويزيد القلق والخوف لان أشباح الظلام والإرهاب تريد ان تسلب كل الأفراح والمسرات وتستبدلها بالموت والحزن والخراب. في العيد يتوجه الناس في جميع أرجاء المعمورة إلى المدن السياحية، والى مراكز الترفيه، بينما يتوجه العراقيين صبيحة العيد إلى المقابر لزيارة موتاهم، وها هي مدينة النجف الاشرف تمتلئ شوارعها بحشود الزائرين القادمين من مختلف محافظات العراق للاحتفال بالعيد في هذه المدينة المقدسة. حيث يشهد الصحن الحيدري دخول عشرات الآلاف من الزوار إلى مرقد الإمام علي بن أبي طالب (ع) لأداء مراسيم الزيارة، وبالرغم من سوء الأوضاع الأمنية في مختلف مناطق العراق، وتعرض الزوار في كثير من الأحيان إلى عمليات إرهابية أو تهديدهم بها، إلا إن ذلك لم يمنع مئات الآلاف من الحضور إلى النجف في كل عام، حتى تتجاوز أعداد الزائرين في العيد المليون زائر أو أكثر. وبعد زيارة المرقد المقدس تتجه هذه الأعداد الغفيرة من الزائرين إلى زيارة مقبرة النجف، والتي تعتبر من إحدى اكبر المقابر في العالم الإسلامي. حيث تمتد على رقعة واسعة من أرض النجف، ، وقد اعتاد المسلمون على دفن أمواتهم في هذه المقبرة تبركاً بوجود مرقد الإمام علي (ع) في هذه المدينة.. كما اتخذ سكان اغلب المدن العراقية من زيارة أمواتهم في الأعياد تقليداً وطقساً دينياً يؤدى جيلاً عن جيل. ويقولون كما لكل فرد من العائلة حق في التمتع بالعيد مع أفراد عائلته. للأموات علينا حق أيضاً فالميت ينظر إلى أهله ويتمنى زيارتهم له في هذا اليوم المبارك .ونوزع الحلويات والفواكه لأجلهما ونقرأ بعض آيات القرآن على قبورهم. ومنذ اليوم الأول للعيد تتحول المقابر العراقية إلى كرنفال حزين يقرأ فيه القرآن وسورتي الفاتحة وياسين وبعدها يُرش سطح القبر بماء الورد ومن ثم تقدم العائلة للزوار الآخرين ما جلبوه معهم من أطعمة وفواكه ثوابا لروح من مات.عوائل تصطدم مع بعضها والمشهد في كل عام..أطفال ونساء ورجال وشباب من كل الأعمار قدموا من اغلب المدن العراقية يحملون علامات الحزن وفي عيونهم بكاء مكبوت لهذا اليوم... فترى عند كل قبر ثمة من يبكي على من افتقده خاصة على من مات معدوما في زمن النظام السابق أو مات بعد الاحتلال الأمريكي للعراق..يقول احد الزوار لا نستطيع إن نحتفل بالعيد إلا بعد أن ( نعيّد ) على ابني ويرى أولاده قبر والدهم الذي تركهم صغارا بعمر الورد ،لا طعم للعيد بدون زيارة قبر ولدي ليرتاح قلبي وتراح أمه التي لا تنفك عن البكاء كلما مرت ذكرى يوم استشهاده في إحدى التفجيرات الإرهابية .وعند المدخل الأول للمقبرة تجد الأهالي وهم يوزعون الثواب على أرواح من مات منهم ويجد الناظر طوابيرا أخرى لمقابر من مات في الحرب الإيرانية العراقية يضاف لهم من أعدمهم النظام السابق،ثم تجد طوابير أخرى لمن مات بسبب الحصار الذي استمر لعشر سنوات أيضا ثم تجد طوابير لمن مات بسبب العمليات الإرهابية.
في ثمانينيات القرن الماضي كانت طاحونة الحرب العراقية الإيرانية سببا بإنشاء هذه المقابر الجديدة و في التسعينيات كان للحصار حصة في زيادة عدد الموتى وكان اغلب الموتى هم من الأطفال والنساء ثم جاء الاحتلال الأمريكي ومعه الإرهاب الأعمى ليجعل من مقابر العراق هي الأكبر في العالم ذات كرنفال لا يتحسس به إلا العراقيين . العيد في العراق بات مقتصرًا على الاحتفاء بالشهداء واقامة الصلوات في الكنائس والمساجد والجوامع